ترتكز خصائص وسمات اقتصاد السوق حول نوعين من الجوانب فهناك الجوانب التنظيمية والاجتماعية ، وهناك الجوانب الفنية والاقتصادية.
الجوانب التنظيمية والاجتماعية لاقتصاد السوق
يقوم النظام الرأسمالي على الحرية في كافة المجالات السياسية
والاجتماعية والاقتصادية على النحو الذي ينص عليه القانون، ويرتكز هذا النظام على
مبدأي الملكية الخاصة وحرية التعاقد، ويقتصر دور الدولة على حماية حقوق الأفراد
وحراسة مكاسبهم بالتأكيد على احترام حق الملكية وحرية التعاقد.
مبدأ
الملكية الخاصة
:
يعترف القانون في الدول الرأسمالية بحق الفرد في تملك الأموال ملكية
خاصة، سواء أكانت هذه الأموال سلعا استهلاكية أم سلعا إنتاجية وحق الملكية على مال
من الأموال يشمل مجموعة من الحقوق الفرعية تتمثل في حق الاستعمال وحق الاستهلاك
وحق التصرف، كما أنه يتضمن الاعتراف بحق الإرث کسبب من أسباب كسب الملكية.
ولا
يعني الاعتراف للأفراد بحق الملكية أن تصبح كل الأموال الموجودة في المجتمع مملوكة
للأفراد ملكية خاصة فالدولة الرأسمالية تتملك جزءا من الثروة القومية تتمثل في
المباني الحكومية، وأراضي الدولة، والمناجم، والغابات، والهياكل الأساسية للنشاط
الاقتصادي كالطرق والمصارف والسدود...الخ.
ويمكن
للملكية الخاصة في البلاد الرأسمالية أن تحاط ببعض القيود القانونية مراعاة
لاعتبارات الصالح العام، كالقيود التي تمنع المالك من استخدام ماله على نحو يضر
بمصلحة جيرانه او رفاهية مجتمعة تحرم إنشاء المصانع الضارة بالصحة في المناطق ذات
الكثافة السكانية العالية.
وقد
جعل الاعتراف بالملكية الخاصة الأموال الإنتاج الرأسماليين في القرن التاسع عشر
ينكبون على تكديس رؤوس الأموال للاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير م ما أفقد
العامل الحرفي وضعه الذي كان يتمتع به قبل ازدهار الرأسمالية، تم الفصل بشكل مطلق
بين طبقة الرأسماليين المالكين لأدوات الإنتاج وبين طبقة العمال التي تؤجر مجهودها
لاستغلال أموال الإنتاج لصالح ملاكها ، وأظهر التمايز الطبقي القائم على الانفصال
الفني والاجتماعي بين العمل ورأس المال
لذلك
تفرض بعض القوانين على ملاك المصانع المحافظة على بيئة العمل في حالة صحيحة،
وتدبير الوسائل اللازمة لتأمين العمال من الحوادث. ثم توالت الحلول التي تضمن
تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين أصحاب الأعمال والعمل في إطار النظام
الرأسمالي
.
مبدأ
حرية التعاقد
:
يعتبر
الاقتصاد الرأسمالي اقتصادا تبادليا يقوم أساسا على وجود السوق التي تتم فيها
مبادلة السلع والخدمات بين البائعين والمشترين دون تدخل من جانب الدولة بقصد الحد
من قوى العرض والطلب أو توجيهها. فالقانون يكفل حرية التبادل وحرية التعاقد
بالنسبة لكل الأموال الاقتصادية، بما فيها عوامل الإنتاج ومن بينها العمل.
ويعتبر
العقد - وهو عمل قانوني يقوم على إرادتين أو أكثر - هو أسلوب الأفراد في تصريف
شؤوونهم الاقتصادية ، ويمكن بالعقد أن يقوم إلى جانب الملكية الفردية نوع آخر من
الملكية يعرف بالملكية المشتركة وذلك بتأسيس الشركات.
الجوانب
الفنية والاقتصادية لاقتصاد السوق:
يقوم النظام الرأسمالي على فن إنتاجي يرتكز على الاختراع و علی بنیان
اقتصادي يستند إلى حرية القرار
الفن
الإنتاجي
:
قام
النظام الرأسمالي في ظل الثورة الصناعية، فارتكز على التقدم التكنولوجي الذي أدت
إليه هذه الثورة، وطبقت الفنون الإنتاجية المتقدمة نتيجة لمبدأ المنافسة في ففي ظل
المنافسة يسعى المنتجون إلى تحسين وسائل إنتاجهم حتى يتمكنوا من تخفيض نفقات
الإنتاج، وتحقيق أكبر قدر من الأرباح. فنجاح أي منتج في استخدام وسائل جديدة من
شأنها تخفيض التكاليف، يدفع المنتجين الآخرين إلى تطبيق مثل هذه الوسائل الحديثة
حتى يتمكنوا من البقاء في مجال الإنتاج .
ويجد
تقدم الإنتاج أساسه في الاختراع الذي يعبر عن حركة التطور الصناعي، وقد يأخذ الاختراع
شكل الاختراعات الميكانيكية أو شكل تغییر نسب التأليف بين عوامل الإنتاج. فالنظام
الراسمالي اعتمد في البداية على أسلوب الإنتاج الذي يستخدم العمل بنسبة أكبر من
استخدام راس المال، ثم أصبح يعتمد على طرق إنتاجية تعتمد على رأس المال أكثر من
اعتمادها على العمل.
فالنظام
الرأسمالي يضع تقدم الإنتاج في مكانه الصحيح بعكس النظام الحرفي الذي كان يقوم على
العمل اليدوي ولا يعمل على التجديد. وادی استخدام الإنتاج المتقدم إلى سرعة زيادة
معدلات النمو الاقتصادي. وسيطرت على الإنتاج الآلية والصناعات الكبيرة، وتطورت هذه
الفنون دون توقف لتواجه تكاثر الحاجات، وذلك لأن المنظم هو الذي يوجه وينشئ هذه
الحاجات. فزيادة الإنتاج خلال فترات قصيرة دعمت النظام الرأسمالي وجعلته قادرا على
تحقيق الازدهار
حرية
القرار الاقتصادي
:
يتم
استغلال عوامل الإنتاج نتيجة لتفاعل القرارات التي يتخذها الأفراد دون إشراف من
جانب الدولة. فالجماعة تستمد احتياجاتها من المجهودات التي يبذلها المنتجون دون أن
ترسم لهم أي سياسة مشتركة. وذلك يعني أن الحياة الاقتصادية في ظل النظام الرأسمالي
لا تقوم على برنامج تضعه الدولة. وإنما تتم المبادلات طبقا لإرادة الأفراد. فالأفراد
في سعيهم إلى تحقيق مصالحهم الخاصة يساهمون في نفس الوقت إلى تحقيق مصلحة الجماعة
وتعترف
الرأسمالية للأفراد بحرية الاستهلاك. فهم أحرار في توزيع دخولهم بين الاستهلاك
والادخار، كما أنهم أحرار في تحديد هيكل استهلاكهم، وفي استثمار ما ادخروه من
أموال في المجال الذي يرونه مناسبا لهم لذلك قيل أن المستهلكين هم الذين يوجهون
الإنتاج في النظام الرأسمالي ويحددون هيكله حسب رغباتهم التي تظهر من كيفية
إنفاقهم لأموالهم.
فتهافتهم
على سلعة من السلع يدل على زيادة تفضيلهم لتلك السلعة فيرتفع ثمنها وتزداد الكميات
المنتجة منها على حساب الكميات المنتجة من غيرها من السلع التي ينقص الطلب عليها
وينخفض ثمنها. وتعترف الرأسمالية للأفراد والمشروعات بحرية العمل والإنتاج. لكل
فرد في ظل الراسمالية أن يتصرف في قوة عمله وفي ممتلكاته بإرادة حرة لا تخضع لقيد،
فهو حر في اختيار نوع العمل أو المهنة، وفي اختيار المجال الاقتصادي الذي يساهم
فيه بنشاطه حسب مؤهلاته وظروفه والفرص المتاحة له
فقد
يختار أن يكون مزارعا، صانعا ، تاجرا ، طبيبا. وهو نظام يشجع على المخاطرة. وقد
تؤدي مخاطرة المنتج إلى إنتاج سلعة جديدة تحقق له ربحا وفيرا وتحقق للمجتمع إشباعا
إضافيا، فإذا فشل في ذلك فإنه يتحمل عاقبة سوء تدبيره بخسارة بعض أمواله. وقد تأخذ
المخاطرة شكل التغيير في طرق الإنتاج بقصد تخفيض التكاليف وزيادة الأرباح التي
تنتج عن زيادة الكميات التي يصرفها المنتجون من السلعة ويستفيد المستهلك من انخفاض
تكاليف الإنتاج.
ويكمل
حرية الإنتاج، وحرية الاستهلاك، حرية انتقال السلع ورؤوس الأموال بين الدول،
واتساع حجم المبادلات الدولية، وسيادة مبدأ حرية التجارة، نتيجة ازدهار النظام
الرأسمالي، وتطور فنون الإنتاج، والاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير فحتى تتمكن
الوحدات الإنتاجية الكبيرة من الاستمرار في زيادة الإنتاج كان من اللازم لها أن
تضمن أسواقا متسعة ومصادر وفيرة للمواد الخام

إرسال تعليق