سنتناول في هذا المطلب الخاصية السرية في الوقاية
الداخلية، على أن نخص المطلب الثاني لخاصيةالسرعة و االستعجال لهذه المسطرة.
مبدأ السرية في مسطرة الوقاية الداخلية
نظرا للمنافسة الشرسة التي تعيشها المقاولات على جميع الأصعدة،
و لكون الوقاع أو الصعوبات التي قد تعترض
المقاولة قد تكون في مهدها و لم تصل بالمقاولة لحالة االخلل بشكل لا رجعة فيه ،
فإن المشرع المغربي قد
أضفى على هذه المسطرة طابعا من السرية حيث تتولى الأجهزة الداخلية للمقاولة مواجهة و التصدي لهذه الصعوبات.
فرئيس المقاولة ملزم أولا بالعمل على تصحيح الإخلال الذي
من شأنه أن يؤثر سلبا على استغلالها وإذا لم يعمل على ذلك تتولى أجهزة الرقابة
ممثلة سواء في مراقب الحسابات أو الشركاء غير المسيرين، تبليغه بجميع الوقاع التي من شأنها الإخلال
باستمرارية استغلال المقاولة، و ذلك داخل الآجال المحددة قانونا. كما تلتزم أجهزة التسيير باتخاذ
جميع الإجراءات والتدابير التي من شأنها تصحيح الوضعية أو على الأقل اتخاذ المبادرات الكفيلة لذلك، و
ذلك في إطار من التعاون و المراقبة المتبادلة.
وتقتضي فعالية مسطرة الوقاية الداخلية وجوب التزام الاطراف
بمبدأ السرية و عدم إخبار الغير بوجود تلك الوقاع أو الصعوبات.
و في هذا الصدد يلتزم كل من مراقب الحسابات أو الشريك إن
وجد بإبلاغ رئيس المقاولة بتلك
الصعوبات، وهذا الأخير ملزم في أول هذه المسطرة بعدم
إبالغ باقي أعضاء مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة إلى حين تعذر تجاوز تلك الصعوبة، و بعدم إبلاغ
باقي الشركاء المكونين للجمعية العامة إلا بعد عجز مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة عن إيجاد
حل للوضعية التي تعيشها المقاولة.
وبالتالي في حالة ما إذا علم رئيس المقاولة أو مراقب
الحسابات أو الشريك بوجود صعوبة إلا ويجب أن تم المبادرة فورا بإيجاد الحلول الكفيلة
للتصدي لهذه الصعوبة ثم بعد ذلك يتم إبالغ مجلس الإدارة أومجلس الرقابة، ثم
الجمعية العامة للشركاء.
إلا أن إثبات خرق هذه السرية يبقى من الأمور الصعبة على
اعتبار تعدد المصالح المرتبطة بالمقاولة والتي تكون على اطالع تام بشكل مباشر أو غير
مباشر بالوضعية المالية و الإ قتصادية و الإجتماعية للمقاولة، و كذا لكثرة الإشاعات التي تكون
هذه المقاولة عرضة لها، و لو كانت بسوء نية فقط، بحيث بمجرد ما يظهر مؤشر واحد فقط على انحراف
بسيط للمقاولة عن خط طريق سيرها العادي، كعدم أداء أجور الأجراء لأسبوع معين أو التأخر فقط في
أداءه، أو عدم تمكن أحد المستفيدين من تحصيل شيك مسحوب على حساب الشركة و لو كانت قيمته ليست
بالمرتفعة لعدم توفر الرصيد الكافي لذلك، أو تجاوز تسهيلات الصندوق التي تستفيد منها
المقاولة في البنك المفتوح فيه حسابها للمبالغ العادية التي اعتادت عليها الشركة، أو غير ذلك من
المؤشرات من شأنه أن يجعل المقاولة موضوع إشاعات تستهدف وجودها ومسيريها ووضعيتها، وهو ما يحدث
ارتباكا لدى جميع الأطراف المرتبطة بالمقاولة، و يخلق توجسا و خوفا لديهم من الاستمرار في
التعامل معها، و خاصة من جانب الأجراء الذين يصبح أغلبهم في حالة توجس من عدم أداء الشركة
لمستحقاتهم و أجورهم، و هو ما يستدعي السرعة و العجلة الفائقة في البحث عن حلول للخروج من الوضعية
الصعبة التي تعيشها المقاولة، و استرجاع عافيتها في أقرب الأجال قبل تفاقم الوضع و الوصول
بالمقاولة إلى وضعية التوقف عن الدفع.
السرعة و الإستعجال
لا شك أنه بمجرد وقوع المقاولة في صعوبة و لو كانت هذه الاخيرة
في بداياتها الأولى، يفرض على جميع أجهزة
المقاولة التدخل بسرعة و بفعالية من أجل احتواء الوضع غير العادي الذي أصبحت تعيشه المقاولة، على اعتبار أن كل تأخر مقصود أو غير
مقصود من شأنه أن يرتب نتائج سلبية و أن يصعب من مأمورية الأجهزة المتدخلة لإصالح
الوضعية، و أن يفرض اتباع و اتخاذ إجراءات أكثر تعقيدا وصعوبة من تلك التي كان
يمكن اتخاذها لو تم التدخل بشكل مبكر، بحيث اتضح من الواقع العملي والتطبيق القضائي
أن الإجراءات التي من شأنها إيجاد حل للوضعية التي تعرفها مقاولة ما، قد لا تكون صالحة و غير قادرة على ذلك بمجرد مرور أسبوع
فقط أو أقل أو أكثر بقليل على الوقت الذي كان يتعين اتخاذها فيها.
و قد حاول المشرع من خلال المادتين 547 و 548 من مدونة
التجارة التأكيد على الطابع الاستعجالي لهذه المسطرة خوفا من التقهقر السريع و المفاجئ لوضعية
المقاولة، بحيث حدد سواء لاجهزة الرقابة أو لأجهزة التسيير آجال محددة و قصيرة من أجل
القيام بما يفرضه عليهم القانون في هذا الاطار.

إرسال تعليق